من حين لآخر يناقش البعض فكرة “الدين والعلم” وهل الدين ضروي أم يمكن الإكتفاء بالعلم واعتباره بمثابة الدين وكفى. ولأن العلم لا يمكن أن يرقي لأن يكون دينا – على الرغم من أهميته – أردت أشارك معكم فكرتي عن الفرق بين الدين والعلم، وربما ستكون في مجموعة تدوينات وليست تدوينة واحدة1.
القيم العليا بين الدين والعلم
الدين هو مصدر الأخلاق والقيم العليا التي لا يمكن للبشر إلغاؤها أو استبدالها. الدين – والحديث عن الدين السماوي بالطبع – مصدره قوة أعلى من البشر، بل هي القوة التي أوجدت البشر أنفسهم، قوة الخالق عز وجل لذلك الاعتقاد بعلو هذه القيم العليا ليس اختيارا من قبل متبعي الدين، وهذه القيم العليا أعلى من أن تلغى أو أن تستبدل من قبلهم، وهذه القيم ثابته، ليست خاضعة لتغير قيم المجتمع. العلم لا يملك هذه الخاصية بأي حال من الأحوال، أن يكون مصدرا لقيم عليا ثابتة لا تتغير.
على سبيل المثال الدين يضع حرمة للنفس البشرية، و هذه قيمة عليا في الدين لا يمكن إلغاؤها أو استبدالها بقيمة عليا أخرى ولتكن المال، فالعلم ليس بأي حال مصدرا للاخلاق أو القيم، بل على العكس يمكن بالعلم عمل حسابات وإحصائيات تؤكد أن القضاء على المعاقين والعجائز والمشردين والأغبياء سيتسبب في رفع عبئ أقتصادي وإجتماعي من على كاهل الدولة مما يساعدها على الإزدهار إقتصاديا، يمكن إثبات هذا بالأرقام المجردة الصماء. لكن مع وضع الدين في الإعتبار فإن أي كلام – وإن صبغ بالصبغة العلمية – يتصادم مع قيمة عليا مثل حرمة النفس البشرية ليس له أي اعتبار وإن كان له مردود مادي عظيم. أي أنه يمكن لإنحراف الفكر البشري أن يأتي بأفكار تبيد البشر أنفسهم، إذا لم يكن هناك قيم عليا، أعلى من البشر أنفسهم، تحصن الفكري البشري من الإنحراف وتوقفه عند حدوده فتخفظ الأنفس البشرية من الإبادة.
يمكن للعلم أن يقرر أن التدخين والخمور من مسببات الأمراض المميته، لكن ينتهي دورة هنا، فليس هناك دورا للعلم في إلزام الناس أو دفع الناس إلى عدم التدخين وشرب الخمور أو عدم تصنيع كليهما، فهذه حرية شخصية، وليس للعلم شان بها. أما الدين فيلزم متبعية بالعمل على منع هذه المسببات للأمراض الممتيه، بحكم الدين2.
العلم لا يعرف خلق مثل الصدق أو الكرم او الرحمة، العلم لا يعرف الفرق بين الفضيلة والرذيلة، العلم لا يعرف إلا الأرقام الصماء والنظريات الجامدة التي لا تفرق بين البشر و الحجر وعلى الإنسان أن يختار من بين ما هو علمي ما يناسب البشر وفق القيم العليا التي مصدرها الدين، وإلا لما كان هناك فرق بين استخدام العلم الذري في قنبلة ذرية تلقي على بلد في خصومة مع بلد آخر، و استخدام نفس العلم في علاج مرض مثل السرطان، النظريات و الأرقام لا تفرق بين الحالتين. يتم التفريق بين الحالتين فقط بالدين و قيمه العليا.
الخلاصة
الدين هو مصدر الأخلاق والقيم العليا التي تحفظ للبشر وجودهم، ولا يمكن للبشر أن يتخطوها في سبيل مكاسب مادية وإن عظمت، بينما العلم ليس كذلك. وبالرغم من أن العلم يسهل حياة البشر اليومية ويجعلها أكثر رفاهيه إلا انه عند الاستغناء عن الدين يمكن أن يفنى البشر بعضم البعض بذلك العلم، لكن بالدين فقط يمكن أن يحياالبشر وإن عاشوا بلا رفاهية، بلا سيارات أو طائرات أو انترنت. والخلاصة الإنسان يحتاج لكل من الدين والعلم، لكن حاجته للدين أعلى وأكبر، حاجتة للدين أعلى بقدر الحفاظ على النفس البشرية، بينما حاجته للعلم هي فقط لتسهيل حياته اليومية ليس أكثر.
ملاحظات
- يرجي ملاحظة أن الدين والعلم ليسا في وضع مقابلة، ولسنا بصدد اختيار أحدهما ونبذ الآخر، ولكننا نوضح فرق الأهمية.
- الحديث عن منع ذلك بطرق تدرجية و علاجية، لا تصدم المجمتع أو تهزه بشكل عنيف شأن آخر، وهو ليس موضوعنا.